الدكتور شاراد كومار دكشيت

الجوائز العالمية

جائزة حمدان للمتطوعين في الخدمات الطبية والإنسانية
الدورة الثانية للجوائز
ولد الدكتور شاراد دكشيت في باندربور بمهارشترا في الهند في الثالث من ديسمبر 1930، وامضى العامين الأ ولين من حياته في مدينة شاندوابور حيث كان والده يعمل رئيساً لمكتب البر يد . وفي 1932 ‏نقل والده إلى فار ودا، وعاش هناك حتى 1935 ‏ا وبعد ها انتقل إلى وارادا . وعندما كان في الثالثة عشرة من عمره اجتاز امتحان سانجيت فيشا راد وحصل على بكالوريوس في الموسيقى من جامعة باتخندي . وقد تخرج الدكتور دكشيت في المدرسة العليا حاصلاً على تقدير امتياز في خمس مواد، وفي امتحان القبول بالجامعة كان من بين العشرة الأ وائل على مستوى الدولة . ‏
 
وفي 1949 ، كان دكشيت الأ ول على شعبته في كلية ناجبور للعلوم، ومن ثم فقد قبل في كلية الطب . ولأسباب مالية انتظم الدكتور د‏كشيت في الدراسة بكلية نظام في مدينة حيدر أباد، وحصل على د‏رجة البكالوريوس في العلوم عام 1951، وفي العام نفسه حصل على منحة د‏راسية مدتها خمس سنوات كاملة من جامعة ناجبور لدراسة الطب فيها، وحصل على درجة علمية في الطب من الجامعة عام 1956 . ولمدة عام واحد (1956) عمل في إدارة الكلية، وبعد ها إلتحق بوظيفة طبيب بهيئة السكك الحديدية . وفي عام 1958 ، أختير الدكتور دكشيت لنيل جائزة الجمعية الطبية الهندي IMA المرموقة والتي تجتذب تنافسا شديداً، و انتقل بعد ذلك للعيش الولايات المتحدة ودرس جراحة التجميل من 1958 حتى 1963 . ‏
 
وعاش الدكتور دكشيت في مدينة نيويورك حيث مارس جراحات التجميل والتقويم ، وبمجرد أن أكمل دراسته وتدريبه بالمستشفى في 1963 أدرك الد كتور دكشيت أنه يود أن يفعل شيئاً مختلفاً، وأن يستخدم مواهبه لتوفير"حياة جديدة"، لأ طفال الهند الفقراء الذين يعانون من عيوب خلقية وغيرها من التشوهات في الوجه، خاصة وأنهم في الهند يعتبرون الطفل الذي يولد بشفة أرنبية (مشقوقة ) لعنة لنفسه وللأسرة كلها والأ قارب والأ صدقاء، وهكذا فإن كل جراحة في هذا الصد د تكون بمثابة حدث يغير مجرى الحياة . ‏
 
فالأ طفال الذين يقتلهم أبائهم أو يتخلون عنهم تحاشياً للازدراء والعزلة، أو الذين يموتون لعجزهم عن الرضاعة، أصبح لديهم الآن فرصة للعيش والنمو كسائر الأ طفال ، وتعود الأ سر المعرضة للنبذ من جانب المجتمع إلى وضعها الطبيعي، ويصبح هناك مستقبل للأولاد والبنات الذين ما كان لهم أن يتزو جوا، و العاجزين عن العمل وكسب الرزق . ‏
 
وفي عام 1968م، بدأ الدكتور دكشيت العمل في معسكرات للجراحة المجانية التى تهدف إلى منح الكرامة والعمل والفرص لهؤلاء الأ طفال . ‏
 
وأمضى الدكتور دكشيت ثلاثة وثلاثين عاما من حياته وأنفق ملايين الاولارات من جيبه الخاص لا دارة معسكرات الجراحة المجانية ء ومنح هؤلاء الأ طفال فرصة الإندماج الكامل في المجتمع المنتج وحتى اليوم تم إجراء 56000 عملية، ولكل منها تأثير في عشرة من أفراد الأسرة .وتسعين من الأ قرباء في المتوسط .
 
ومن خلال الروح الانسانية للدكتور ديكشيت وتدخله الطبي ، تأثر ما يزيد عن 5,5 مليون هندي بعملياته الجراحية التي تغير مجرى الحياة.‏
 
وفي العام الأ ول كان مغمورا ولم يكن لدى الكثير من الآباء الشجاعة على الإقدام وإحضار أطفالهم للجراحة والتغلب على سلبيتهم اتجاه المصير المحتوم . وبعد المعسكرات القليلة الأ ولى، ذاع صيتة سريعا وازداد عدد الآباء الذين جرؤا على إرسال أبنائهم لإجراء الجراحة، وبدأ الناس ينظرون إليه كجراح متميز منحة الله يدين ماهرتين،ويحقق المعجزات من خلال الجراحة . وينعم الدكتور دكشيت بالاحترام والتبجيل نطرا لما يقدمه من خدمات لإطفال الهند الذين يعانون من تشوهات . ‏
 
ويتميز الدكتور دكشيت بين الناس برؤيته الثاقبة، والتزامه القوي، واسهاماته العظيمة . ففي السنوات الأ ولى من المعسكرات واجه مقاومة من جراحي التجميل المحليين . ولكن بعد سنوات كثيرة من النجاح والتميز في الجراحة أثبت خلالها أن عمله بمثابة عامل ناجح في تعديل مفهوم الإنتماء الاجتماعي، نال الدكتور دكشيت أحترام أقرا نه والمجتمع كله، حتى أن الدولة تطلب من كل مستشفى حكومي توفير عيادة للدكتور دكشيت يجري فيها جراحا ته بالمجان . وللدكتور دكشيت حافل حافل لا تشوبه شائبة. ‏
 
وفي عام 1978تعرض الدكتور دكشيت لحا دث سيارة خطير أدى إلى شلل نصفه الأ يمن من جسمه، ولكنه شفي خلال ثلاث سنوات، وأثناء تلك الفترة واصل تنقلاته داخل الهند لا دارة معسكرات الجراحة المجانية، وأكمل دراسته للحصول على درجة الزمالة في جراحة التجميل . ‏
 
وفي عام 1982م تعرض الد كتور دكشيت لمأساة جد يدة حيث أصابه سرطان الحنجرة من الدرجة الرا‏بعة وتعين إجرا‏ء أربع جراحات كبرى له في أعقاب علاجه بالإشعاع ، وقدر الأطباء ما تبقي له من عمر بعامين وكان من أحب الأشياء إليه الموسيقى الكلاسيكية، وظل يستمع لها، ولم يفقد الأ مل وواصل سفره فى مختلف أنحاء الهند لإجراء العمليات بالمعسكرات الجراحية المجانية، وتعلم كيف يتحدث من خلال وسائل صوتية ، وتعمق بدرجة أكبر في تخصص جراحة التجميل . ‏
 
وفي عام 1988 تعرض الدكتور دكشيت لأ ول أزمة قلبية أعقبها ، ومرة أخرى وفي عام 1994 عانى من أزمة قلبية شديدة ثانية خلال احدى سفرياته وأجريت له جراحة لترقيع ثلاثة شرايين إلا أن هذه لم تحسن من أداء القلب لوظيفته، حيث لا تزيد نسبة وظائف القلب لديه عن 18% .
 
‏وعلى الرغم من مرضه الشديد فإنه يواصل إقامة المعسكرات الجراحية المجانية وهو جالس على مقعد متحرك . ‏
 
وداخل غرفة العمليات يتمتع الدكتور دكشيت بموهبة جراحية فر يده حيث لا تزال يده قاد‏رة على الأد‏اء بسرعة البرق، وهكذا يثبت الإلهام والحماس في كل من يشاهده . ‏
 
بالإضافة الى ذلك فإن الدكتور دكشيت كان ولا‏يزال يدرب الجراحيين على مواصلة العمل . ففي عام 1989م إستقطب ثلاثة من جراحي التجميل من الولايات المتحدة كمتطوعين للعمل لمدة أسبوع واحد في المرة الواحدة في إحدى معسكرات الجراحية الكبيرة في المدينة . ‏
 
ولدى الدكتور دكشيت اليوم مجموعة صغيرة من الجراحيين من الولايات المتحدة يصحبونه بشكل منتظم لمدة أسبوع في كل مرة لعمل في إحدى المعسكرات الكبرى .
 
ومنذ عام 1994م إزداد عدد جراحي التجميل الهنود المشاركين في المشروع زيادة مضطردة واليوم على الوغم من أن الدكتور دكشيت قد بلغ السبعين من عمره، وعلى‏ الوغم من سوء حالته الصحية فإنه لا يزال يمضي مابين خمسة وستة أشهر من العمل ‏الشاق في الهند كل عام، مانحا المستقبل والفرص لأ فقر أطفال الهند الذين يعانون ‏من تشوهات في الوجه، ويجري مابي‌ن 40-60‏ عملية في كل يوم خلال موسم المعسكرات، بينما جري الجراحون المرافقون مابين 7-10 عمليات يوميا خلال ‏الأ سبوع الذي يرافقونه فيه . ‏
 
ولقد أسس الدكتور دكشيت صندوقا ليضمن به تواصل عمله الى الأ بد . فعند وفا ته سوف تحصل مؤسسة تعليم جراحة التجميل التابعة للجمعية الأ مريكية لجراحي التجميل جزءا من الأ موال من هذا الصندوق لمواصلة عملها . ‏
 
ومشروع الدكتور دكشيت في الهند مختلف عن أي مشروع آخر مماثل، فكل فرد يقدم المعونة له إنما يقدمها دون مقابل من أي نوع، فكافة التكليف الإدارية والجراحية تغطى على أساس تطوعي، وتذهب المساهمات والتبرعات مباشرة إلى عمليات المعسكرات، فهذه المعسكرات تحتاج دائما إلى كميات كبيرة من المعدات والإمدادات الطبية، وهذه يتم شراؤها من أموال الدكتور دكشيت الخاصة، ومن التبرعات والمساهمات التى تقدمها المؤسسات والشركات والأ فراد في الولايات المتحدة، وإن كانت الهبات التى تصله من داخل الهند تغطي نفقات تنظيم مابين 28-30 ‏معسكراً ‏في كل فصل .
 
‏وعلى حد قول رئيس وزراء ولاية ماهاراتشراه فإن :"‏الإسهام الإنساني لهذا الرجل يجعله قدوة للعالم، وإن كان يسير على تعاليم المهاتما غاندي الذي قال في مقال ان خدمة الرب خدمة الإنسان، فقد أثبت الدكتور د‏كشيت كيف أن بوسع الانسان أن يعطي المزيد عندما تكون لديه إرادة لبذل حياته كلها، كما بين أنه مامن عقبة في الحياة لايمكن اجتياز ها إذا ما توفر للفرد هدف يسعى إليه ، وإذا ما تجاهل معاناته وسوء حظه .
 
‏وفي هذا العام نال الدكتور دكشيت جائزة ديواليبين المرموقة في الهند وذلك لما قدمه من خدمات جليلة للإنسانية ،وهذه واحدة من أرفع الجو ائز التي يحصل عليها شخص في الهند ، وقد فازت بها الأ م تريزا الحاصلة على جائزة نوبل، وقداسة الدلايلاما الرابع عشر، ونلسون مانديلا، وآلبريت شو يتزر .