تعتبر السمنة أحد العواملٍ الرئيسيٍة المسببة للعديد من الأمراض والتي أصبحت من المشاكل الصحية الخطيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول العالم المتحضر بشكلٍ عام.
وتشير الإحصائيات الخاصة بعلم انتشار الاوبئة والأمراض في بعض الدول الأوروبية إلى أن معدل إنتشار السمنة بين الذكور يبلغ نسبة 28% ونسبة 36.5% بين اﻹناث، وهذه المعدلات تؤكد بأنها ضاهرة صحية خطيرة وذات أبعادٍ وبائية. وتعتبر السمنة صفة ً مركبة ً ناجمة ً عن تفاعل مكوناتٍ وراثية وعوامل بيئية تؤدي ﺇلى نتائج أيضية وجزيئية.
وﺇلى الآن ما تزال السيرورات المؤدية ﺇلى تكوّن الكتل الدهنية في الجسم في حالة السمنة غير مفهومة، بالرغم من أنه كثيراً ما لوحظ أن سير العمليات الأيضية في الخلايا الدهنية في حالة السمنة غير طبيعي، ويصعب في الوقت الحالي التمييز بين أن تكون هذه التغيرات الجزيئية والأيضية مصاحبة للسمنة أم تنتج بسببها.
ويلعب النسيج الدهني دوراً أساسياً في الخلل الحادث في سير العمليات الأيضية المصاحبة للسمنة، ومرتبطة بشكل مباشر بالأعضاء الخارجية الأخرى التي تسيطر على جريان الطاقة.
ولفهم آلية الخلل في عمل النسيج الدهني على المستوى الجزيئي، تم القيام بالعديد من الدراسات على النسيج الدهني في اﻹنسان والتي أسفرت عن ملاحظة نشاط زائد في العمليات المناعية في حالة السمنة وخمول لتلك العمليات عند نقصان الوزن.
وتعتبر الخلايا البلعمية بمختلف أنواعها من أهم الخلايا المناعية في النسيج الدهني والتي تعمل على تنظيف بقايا الخلايا الدهنية. كما يمكن أن تفرز هذه الخلايا البلعمية عوامل تؤدي ﺇلى تخريب عملية تكوين الدهون.
ويعتقد أن الخلل في عملية ﺇنتاج الطاقة من الميتاكوندريا في النسيج الدهني الموجود تحت الجلد يؤدي ﺇلى تحويل تخزين الدهون ﺇلى الأنسجة التي تتحسس الأنسولين مثل الكبد والعضلات الهيكلية والبنكرياس، مما يؤدي ﺇلى مقاومة شديدة للأنسولين.
أما الآليات الجزيئية فيما يتعلق بالخلل الذي يحدث في تمايز الخلايا الدهنية في حالة السمنة فهي غير معروفة ﺇلى الآن.
ويؤثر تفاعل الجينات والبيئة على اﻹختلاف الحادث في ترجمة الجينات ذات العلاقة بالسمنة، كما أنه من الصعب تمييز مدى مساهمة كلا منهما في حدوث السمنة (الجينات والبيئة).
حديثاً تم التوصل ﺇلى اكتشافات جديدة فيما يتعلق بعملية تنظيم نقصان الوزن من خلال تحفيز اﻷنزيم (CAP-1). ويتصف المركّب FAS89B في المختبر كمثبط للأنزيم CPT-1 في الدماغ وينتج في أجسام الكائنات الحية ويعمل هذا المركـّب على نقصان تغذية الفئران لمدة ثلاثة أيام ونقصان الوزن لمدة ستة أيام بدون وجود أي دليل أن لهذا المركـّب أي طعم غير مستحب.
للسمنة أخطار بالغة خلال مرحلة الطفولة والمراهقة. ﺇذ تتسبب عدم ممارسة الرياضة البدنية في مرحلة المراهقة بالسمنة الكاملة وخاصة في منطقة البطن. ولا تقتصر سمنة الأطفال على الدول الصناعية، فقد سجلت الدول النامية ارتفاعاً في معدلات انتشار سمنة الأطفال أيضاً.
وتصاحب سمنة الأطفال مشاكل نفسية اجتماعية واقتصادية. تعيق السمنة الوظائف الجسدية وتنقص من نوعية الحياة, كما تتسبب بالوفاة المبكرة قبل الولادة وتشكل عبئاً اقتصادياًًً على خدمات الرعاية الصحية.
ولا يمكننا الحديث عن سمنة الأطفال من خلال الحديث عن الجينات فقط بمعزل عن العوامل البيئية أو العكس. وبشكل عام، غالباً ما تصيب السمنة الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للسمنة وذوي الأوزان الكبيرة عند الولادة والذين أصيبوا بمرض السكري قبل الولادة.
تنتج السمنة من خلال تفاعل أكثر من 250 جين ولكن لا تظهر ﺇلا من خلال تفاعل الجينات مع عوامل البيئة.
وفي عام 2010, ستكون السمنة أحد مواضيع جائزة الشيخ حمدان للبحوث الطبية المتميزة تقديراً منا لمن يسهم في فهم مدى انتشارها ومعرفة الجينات المسببة لها وآلية الخلل الذي يحدث في الجسم المسبب لها ومعرفة سبل الوقاية منها وعلاجها.